ألا لا يجهلن أحدٌ علينا ... فنجهل فوق جهل الجاهلينا
قلت: إن هذا البيت يمثل إباء البدوي للضيم، ولكني أسرع فأقول: إنه لا يمثل سلامة الطبع البدوي، وإعراضه عن تكرار الحروف إلى هذا الحد الممل:
ألا لايجهلنْ أحدٌ علينا ... فنجهل فوق جهل الجاهلينا
فقد كثرت هذه الجيمات والهاءات واللامات، واشتد هذا الجهل حتى ملّ".
مَن الذي يقرأ هذا البيت، ويجد له في النطق عسراً، أو في الذوق ثقلاً، أو في النفس مللاً؟ إن هذا البيت سهل على اللسان، خفيف على الذوق، طريف في النفس، والتكرار في ذاته لا يخدش وجه الفصاحة، وإنما مرجعه الذوق السليم، فهو الذي يقضي بسوء أثره، أو حسن موقعه من الكلام، وقد بسط البحث وحققه على هذا الوجه الشيخ عبد القاهر الجرجاني في "دلائل الإعجاز"، وضرب أمثلة للتكرار الذي لا يمس فصاحة الكلام، ومن هذه الأمثلة:
ولعل بعض أشياع المؤلف يذهب إلى أنّ من لم يرم هذا البيت بقلة الفصاحة، فذوقه غير سليم، فنقول لهم: اقرؤوا البيت خالية أذهانكم من كل ما قاله صاحبكم فيه، ثم انظروا ماذا ترون؟!.
نحن نعلم أن الذوق هو الذي يستفتى في شأن التكرار، ولهذا لم نعب