ينكره أو يشك فيه؟! ولعل المؤلف كان على ذكر من هذا الذي نحكيه عنه، فاحتاط لنفسه، وأضاف هذه النظرية، وهو أن أقدم الشعراء يمنيون، أو ربعيون إلى زعم العرب أو الرواة، ولكن هذا الاحتياط لا يبرئه من تبعة إدخال المزعوم في نتيجة يدعي أن الدرس المتقدم قد انتهى به إليها.
وأما الجملة الثانية، وهي أن قبائلهم كانت تعيش في نجد والعراق والجزيرة، فهو الموافق للرواية، ولا ندري ماذا يفعل المؤلف في امرئ القيس، فقد رجّح أنه وجد حقاً، وأنه كان شاعراً يمنياً، وأبى للرواة أن يكون قد نشأ في نجد، وامرؤ القيس يمني، عدّه العرب أو الرواة في أقدم الشعراء، وما يروى من أخباره يدل على أن أسرته كانت تعيش في نجد، فما الذي يمنع المؤلف من الاعتراف بأن أسرته من هذه القحطانية التي هاجرت إلى نجد، واتصلت بربيعة؟.
وأما الجملة الثالثة، وهي أن اتصال القحطانية بربيعة أحدث نهضة أدبية، فمحتمل، غير أن قبوله يتوقف على إثبات أن القحطانية سبقوا ربيعة إلى نظم الشعر.
وأما الجملة الرابعة، وهي أن هذه النهضة تجاوزت نجداً والعراق والجزيرة، وتغلغلت نحو الحجاز، ففيها شيء من ريح ما يقوله الرواة من أن الشعر كان في ربيعة، وانتقل إلى قيس، ثم تحول إلى تميم، "ولكن من ريحه ليس غير".
وأما الجملة الخامسة، وهي أن الشعر الناتج عن النهضة القحطانية الربعية قد ذهب، ولم تبق منه إلا الذكرى، فمردودة على عقبها؛ بأن الرواية المستفيضة على ألسنة الثقات وغيرهم تتلو علينا منظومات في هذه اللغة