إلى الحق الناصع في رفق وسهولة، دون أن يرهقوا ذهنه، أو يحرجوا صدره.
فأدلة ناصعة، ولغة بيّنة، وقصد في التعبير من غير غموض أو إبهام، وأدب صريح، وخلق متين، يدل على أن صاحبه ممن تأدبوا بالأدب الإِسلامي، وتشبعوا به، وفهموا معنى قوله تعالى:{وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[النحل: ١٢٥]، ثم حسن ترتيب وتنسيق في المناقشة وسوق الأدلة لا يدع في نفس القارئ مجالاً للشك، ولا يترك شبهة تتردد في صدره دون أن يقضي عليها قضاء نهائياً.
كل ذلك في تواضع العالم الصادق النظر، النزيه الغرض، الذي لا يقصد من بحثه ودله إلا إحقاق الحق، وإزهاق الباطل" (١).
وخير تقديم وتقريظ للكتاب: أن يقدم ويقرظ نفسه بنفسه، وكتابة الإمام محمد الخضر حسين مرآة لقلم بليغ، ونفس طاهرة، وعقل حصيف، وكتاباته جوامع الحكم، وحكم بالغات صيغت باللفظ العذب والسبك الجيد، إذا تليت على الأسماع، ركنت إليها النفوس؛ لطهارتها وصدقها، وإذا قرأها القارئ، عاش في روضة علمية ساحرة.
إن الإمام محمد الخضر حسين عالم جليل، يغرف العلم من بحر لا ساحل له، ويعتبر كتاب "نقض كتاب الإِسلام وأصول الحكم" أهم المراجع للرد على كتاب علي عبد الرازق، وإذا فرح الضالّون المضلّون بكتاب "الشيخ القاضي الشرعي"، فقد فرح المؤمنون الصادقون بكتاب الإمام الصالح. وشتان بين الضلال والهدى، وبين الشر والخير!.
(١) مجلة "المكتبة" شهرية أدبية تبحث عن المؤلفات وقيمتها العلمية - الجزء الثاني من السنة الثانية الصادر في رمضان - ١٣٤٤ هـ.