تصميم، نعرف بحكم العادة معرفة لا تخالجها ريبة: أن تلك القضية أخذت حظها من النظر، وأنه لم يبق فيها لمخالف وجه يلتفت إليه، وبالأحرى ما كان في عصر الصحابة الذين شهدوا الوحي، ووقفوا على روح التشريع، ولم يعرفوا في قول الحق هوادة ولا محاباة.
وقد تأيد هذا القول بطول الاختبار والاستقراء، فلتجدنّ كل رأي يتهجم به مبتدعه على خرق إجماع أهل العلم متداعياً إلى السقوط، بل قائماً على رأسه؛ بحيث لا يكلفك هدمه إمعاناً في نظر، أو عناء في التماس حجة.
قال أبو إسحاق الشاطبي في "موافقاته": "قلما تقع المخالفة لعمل المتقدمين إلا ممن أدخل نفسه في أهل الاجتهاد غلطاً أو مغالطة".
ولم تؤخذ حجية الإجماع من الكتاب والسنّة بنصوص معدودة، بل حجيته من آيات كثيرة، وأحاديث شتى، وإذا كان كل واحد منها يدل بانفراده على حجية الإجماع دلالة ظنية، فإن الظنيات الكثيرة إذا تواردت على معنى، أفادت علماً لا تخالجه ريبة.
قال أبو إسحاق الشاطبي في "الموافقات": "الأدلة المعتبرة هنا المستقرأة من جملة أدلة ظنية تضافرت على معنى واحد حتى أفادت فيه القطع؛ فإن للاجتماع من القوة ما ليس للافتراق، ولأجله أفاد التواتر القطع .... وإذا تأملت كون أدلة الإجماع حجة، أو خبر الواحد أو القياس حجة، فهو راجع إلى هذا المساق؛ لأن أدلتها مأخوذة من مواضع تكاد تفوق الحصر".
وهاهنا أدلة أخرى تدل -بوجه خاص- على حجية إجماع الصحابة - رضي الله عنهم - وقد وقف عند حد هذه الأدلة من قال: لا حجة إلا في إجماع الصحابة.
ولنكتف بهذه الكلمة في التنبيه على وجه حجية الإجماع، وعدّه