للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحد الأطباء المعاصرين لعبد الملك بن مروان كتاباً في الطب، وبقي في خزائن الكتب بالشام، ولما تولى عمر بن عبد العزيز، أخرجه منها، وأصبح متداولاً في أيدي الناس، وجاء في "الفهرست" لابن النديم: (١) أن أبا العلاء سالماً كاتب هشام بن عبد الملك (٢) نقل من رسائل أرسطو إلى الاسكندر.

انقرضت دولة بني أمية في المشرق، ولم ينهضوا بما عند الأمم الأخرى من علوم حكمية وفلسفية؛ للعذر الذي أومأنا إليه، ولكنهم لم يضطهدوا عالماً لعلمه، ولم يقطعوا سبيل علم دون مبتغيه.

ثم خلفهم بنو العباس، وقد اتسع نطاق الممالك الإسلامية، واستحكمت عرى الدولة، فما استقرت مقاليد الخلافة بأيديهم حتى نهضوا بالعلوم على اختلاف فنونها، فعني المنصور بنقل علوم الهندسة والطب والنجوم، وتتابعُ الخلفاء على هذه الخطة المحمودة، والنهضة العبقرية للخليفة المأمون أشهرُ من أن يشار إليها بالبنان، وظلت هذه النهضة قائمة يشد أزرها الخليفة عقب الخليفة، حتى أصبحت علوم اليونان والفرس وغيرهما تدرس بلسان عربي مبين.

وهن عظمُ الخلافة العباسية، وهيض جناحها، فظهر حولها دول في الشام ومصر وفارس وخراسان وغيرها؛ كدولة بني بويه، وبني حمدان، وبني زيار، وبني سامان، والدولة الغزنوية، والسلجوقية، وملوك هذه الدول


(١) محمد بن إسحاق بن محمد (... - ٤٣٨ هـ = ... -١٠٤٧ م) وهو بغدادي. وصاحب كتاب "الفهرست" من أقدم كتب التراجم.
(٢) هشام بن عبد الملك بن مروان (٧١ - ١٢٥ هـ = ٦٩٠ - ٧٤٢ م) من الملوك الأمويين في الشام. ولد في دمشق، وتوفي بالرصافة غرب الرقة.