انعقادها اتفاق جماعة من أهل الحل والعقد؛ بحيث تكون كلمتهم العليا على من خالفهم.
قال إمام الحرمين في كتاب "غياث الأمم": "اتفق المنتمون إلى الإسلام على تفرق المذاهب وتباين المطالب على ثبوت الإمامة". ثم قال:"الإجماع ليس شرطاً في عقد الإمامة بإجماع".
فاستدلال المؤلف على إبطال الإجماع في حكم الخلافة بعدم الإجماع على ولاية يزيد، منطق يترفع عنه أصحاب الأقيسة الشعرية، ولا يأتيه المولعون بالمغالطات إلا أن يصوغوه في أسلوب أبرع من أسلوب المؤلف وأخفى.
قال المؤلف في (ص ٣٢): "وقد زعم الإنكليز: أن أهل الحل والعقد من أمة العراق انتخبوا فيصلاً ليكون ملكاً عليهم بالإجماع، اللهم إلا أن يكون قد خالف في ذلك نفر قليل لا يعتد بهم؛ كأولئك الذين دعاهم ابن خلدون من قبل: شواذ".
وما كان للمؤلف أن يتهجم على علم راسخ القواعد محكم المباني، فيخلطه بالمجون، ويضرب له أمثالاً لا تلتقي معه في نسق، وإن كان الحديث ذا شجون.
الإجماع الذي يستند إليه في تقرير الأحكام، هو اتفاق مجتهدي الأمة، بل المدار في انعقادها على جماعة من أهل الحل والعقد وإن لم يكن من بينهم مجتهد أصلاً.
فإيراد المؤلف قصة يزيد طعناً في الإجماع المستدل به على حكم الخلافة تخبطٌ في ليل دامس، والانتقال منها إلى قصة فيصل، وتمثيل من خالفوا في انتخابه بمن دعاهم ابن خلدون: شواذ، خيالٌ لا تقبله أذواق أهل العلم،