ويصح أن يكون المعنى: وأنتم تعلمون أنه لا ند له؛ فإن من المشركين مَنْ كانوا يعتقدون بوجود الإله الحق، ويعبدون مع ذلك الأصنام بزعم أنها تقربهم إليه زلفى، وهم المشار إليهم بقوله تعالى:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ}[الزخرف: ٩].
وعلى كلا الوجهين يكون قوله تعالى:{وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} تأكيداً للتوبيخ على اتخاذ الأنداد لله؛ فإن من يأتي الباطل، ومعه من العلم ما شأنه أن يمنعه من إتيانه، أو يأتي الباطل وهو يعلم بطلانه، يكون أسخف عقلاً، وأحط منزلة ممن يأتيه وهو معدود فيمن شأنهم الجهل بدقائق الأمور، أو الجهل بأن ما أتاه باطل، ومن هنا كانت زلة العالم أقبح من زلة الجاهل، وتناول الألسنة له بالإنكار على مخالفة أمر الله أشدّ من إنكارها على من يخالف أمر الله، وشأنه الجهل بالمخالفة، أو بالعواقب التي يصير إليها المخالفون عن أمر الله.