قام النبي - عليه الصلاة والسلام - بمكة يجاهد في سبيل ربه بالحجّة والموعظة الحسنة، ولاقى هو وأصحابه من أذية المشركين ما لا يحتمله إلا ذو عزم نافذ كفلق الصبح، وكانت الآيات تنزل لتسليتهم، ومطاردة ما عساه يعلق بنفوسهم من جزع أو أسى.
وبعد أن امتحن الله قلويهم للتقوى، وتألّف حول مقام النبوة حزب لا يخنع للبأساء، ولا تستخفه السرّاء، طلعت بهم الهجرة الخالصة بين لابتي المدينة المنورة، وأصبحوا بين أقوام ينالونهم بالأذى، وآخرين يناصبونهم العداء، ومن هؤلاء من يتربص بهم الدائرة، ومنهم من يجمع أمره ليأخذهم على غرّة، ولكن الله سلَّم، إنه عليم بذات الصدور.
هذا البلاء الذي كان يسطو حول الجماعة المسلمة، أو يتحفز للوثوب عليها، كان حكمة تناسب الإذن للرسول - عليه الصلاة والسلام - بسلّ السيف في وجه عدوه الكاشح؛ ليدفع شره، ولتسير دعوة الحق في سبيل لا تعترضها عقبات المفسدين.
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى ... حتى يراقَ على جوانبه الدمُ