للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكف أيدي المعتدين عنه؛ حتى يفوز بالسلامة منهم، والظهور عليهم.

واستعملت (إن) للشرط في قوله: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ}؛ لأنها تستعمل كـ (لو) لفرض وقوع فعل الشرط، ولو مع القطع بعدم وقوعه، وكذلك اتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - لأهواء اليهود والنصارى غير محتمل الوقوع، وإنما ذكر على وجه الفرض، وبني عليه ذلك الوعيد البالغ؛ ليزداد - عليه الصلاة والسلام - في الاحتراس من آرائهم قوة؛ كما قال تعالى في آية أخرى: {وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ} [المائدة: ٤٩].

وفي توجيه الخطاب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - إشعاراً بأنه -وهو صاحب تلك المكانة العليا، والأعمال الصالحة التي تملأ ليله ونهاره- لو اتبع أهواء اليهود والنصارى، لفقد الولاية والنصر من الله، فغيره من الناس أحرى بأن يجازى بالحرمان من تلك النعمتين العظيمتين إذا تعلق بآراء المخالفين دون ما قضى به الله، ومن فاتته ولاية الله وتأييده، عاش في الدنيا مضطرب القلب، منكود الحياة، واذا قضى نحبه، فإلى هون وعذاب.

ويفهم من الآية بعد هذا أن من عمل على مقتضى العلم المستند إلى هداية الله، ونبذ آراء المخالفين التي لا توافق هذا العلم، فإنه يظفر بولايه الله الضافية، ونصره العزيز، {وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ} [الأحزاب: ٤].