هذا الجواب باطل؛ فإن الشريعة كاملة بكلياتها وجزئياتها، ولا يصح أن يضيع شيء من حقائقها: قرآناً أو سنة.
قال أبو إسحاق الشاطبي في كتاب "الموافقات"(١): "إن هذه الشريعة معصومة، كما أن صاحبها - صلى الله عليه وسلم - معصوم، وكما كانت أمته فيما اجتمعت عليه معصومة، ويتبين ذلك بوجهين:
أحدهما: الأدلة على ذلك تصريحاً وتلويحاً؛ كقوله تعالى:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}[الحجر: ٩]، وقولى:{كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ}[هود: ١] فأخبر أنه يحفظ آياته، ويحكمها حتى لا يخالطها غيرها، ولا يداخلها التغيير ولا التبديل، والسنّة وإن لم تذكر، فإنها مبينة له، ودائرة حوله، فهي منه، وإليه ترجع في معانيها ...
والثاني: الاعتبار الوجودي الواقع من زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الآن، وذلك أن الله -عَزَّ وَجَلَّ- وفَّر دواعي الأمة للذبِّ عن الشريعة والمناضلة عنها بحسب الجملة والتفضيل، أما القرآن الكريم، فقد قيض الله له حفظة؛ بحيث لو زيد فيه حرف واحد، لأخرجه آلاف من الأطفال الأصاغر، فضلاً عن القراء الأكابر ... ثم قيض الحق -سبحانه وتعالى- رجالاً يبحثون عن الصحيح من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعن أهل الثقة والعدالة من النقلة، حتى ميزوا بين الصحيح والسقيم، وتعرفوا التواريخ، وصحة الدعاوى في الأخذ لفلان عن فلان، حتى استقر الثابت المعمول به من أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك جعل الله العظيمُ لبيان السنّة عن البدعة ناساً من عبيده، بحثوا عن أغراض