قد رأيت أن استشهاد المؤلف بتلك الآيات والأحاديث مبني على قصور في فهمها، أو قصد إلى تحريف الكلم عن مواضعها، فالكتاب والسنّة لا يمنعان "من اعتقاد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو مع رسالته الدينية إلى دولة سياسية،، بل يدلان بصراحة كفلق الصبح، على أنه - عليه الصلاة والسلام - كان مبلّغاً ومنفّذاً، وأن قيامه على التنفيذ داخل في حدود وظيفته السماوية.
ودعوى المؤلف: أن حكم العقل، وما يقضي به معنى الرسالة وطبيعتها يمنعه من اعتقاد أن يكون التنفيذ داخلاً في وظيفة الرسول - عليه السلام - السماوية، قد أريناك فسادها، وأنها كلمة هو قائلها، فلا العقل يمنع من أن يؤمر الرسول بالتبليغ والتنفيذ، ولا الأمر بإبلاغ شريعة يمنع بطبيعته من أن يضاف إليه الأمر بتنفيذها.