يسمّي أحداً يخلفه من بعده، ولا أن يشير إلى من يقوم في أمته مقامه. بل لم يشر - عليه السلام - طول حياته إلى شيء يسمّى: دولة إسلامية، أو دولة عربية".
إن لم يسمّ - عليه السلام - أحداً يخلفه من بعده، ولم يشر إلى من يقوم في أمته مقامه، فليس معنى ذلك أنه لم يُبعث لإنشاء دولة إسلامية، ولم يأت بشريعة تنتظم سياستها. وإنما لم يسمّ أحداً يخلفه، ولم يشر إلى من يقوم مقامه، لمقصد بعيد المدى، وأصل من أصول الدولة يثبّت أساسها، ويزيدها حكمة على حكمتها، وهو: أن الإمامة حق من حقوق الأمة، هي التي تقلدها، وهي التي تنزعها، تقلدها من آنست فيه الكفاية، وتنزعها ممن عجز عن القيام بأعبائها، أو لعبت بقلبه أصابع الهوى، فجعل عاليها سافلها.
وإن تعجب، فعجب قول المؤلف: إن النبي - عليه السلام - لم يشر طول حياته إلى شيء يسمّى: دولة إسلامية. ولقد ذهب هذا القلم في الجرأة إلى مكان سحيق.
يقول حفّاظ السنّة: لم نسمع كذا، أو لم يبلغنا كذا، ويقول من ينقل حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن "الكامل" للمبردّ: لم يشر - عليه السلام - طول حياته إلى شيء يسمّى: دولة إسلامية!
من مثل هذه العبارة يدرك قراء كتابه الأذكياء وأشباه الأذكياء: أنه يرمي بالكلام جزافاً، ويحاول أخذ قلوبهم، ولو على طريق غير معقول، ومنطق ليس له فروع ولا أصول.
يرمي المؤلف هذه المقالة الخاطئة، وفي السنّة الصحيحة من أحاديث الإمامة ما فيه عبرة لقوم يفقهون، وقد قصصنا منها ما لا يمكن للمؤلف أن