بكر، واستقام له الأمر، تبين لك أنها كانت بيعة سياسية ملكية، عليها كل طوابع الدولة المحدثة، وأنها إنما قامت كما تقوم الحكومات على أساس القوة والسيف".
أخذ المؤلف على قلمه ميثاقاً غليظاً، وفرض عليه أن لا يضرب خطوة إلا أن يخالف قرآناً، أو سنّة صحيحة، أو تاريخاً صادقاً.
جرى عقب وفاة الرسول الأعظم - صلوات الله عليه - مناقشة في أمر الإمامة كما هو الشأن في كل المسائل المهمة تطرح على بساط المفاوضة، وانتهت هذه المناقشة أو الجدال بمبايعة أبي بكر الصديق، وبعد أن انعقدت له المبايعة على اختيار من أهل الحل والعقد، وتبوأ منصب الخلافة، صار له جند وسلاح، وكذلك دين الحق، وسياسته الرشيدة، تقوم على الحكمة والبيان، ويحرسها السيف والسنان، ولكن المؤلف يخطئ التاريخ الحق، ولا يصيب في فهم ما تقتضيه السنن الكونية.
والتحقيق: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عرف أن أصحابه لا يختلفون في فضل أبي بكر،
وتفوقه عليهم دراية واستقامة، وهذا ما يجعل الآراء متطابقة على تعيينه للخلافة، ففوّض الأمر إلى اختيارهم لتبقى سنّة إلى الأبد، وذلك ما كان، "ولم ينازع أحد في خلافته إلا بعض الأنصار؛ طمعاً في أن يكون من الأنصار أمير، ومن المهاجرين أمير ... ثم الأنصار جميعهم بايعوا أبا بكر، إلا سعد بن عبادة؛ لكونه هو الذي كان يطلب الولاية ... ولا قال أحد من الصحابة: إن في قريش من هو أحق بها من أبي بكر، لا من بني هاشم، ولا من غير بني هاشم، وهذا كله مما يعلمه العلماء العاملون بالآثار والسنن والحديث" (١).