للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فرض بقائها لا يتصور ذو عقل أن يكون من مظاهرها رجل يقول ما لم يقع، وما لا يقع. وكيف يحوز النبوة من لا يتعفف عن الكذب على المخلوقين؟.

وإذا خرجنا في مجادلة القاديانية عن حديث نبوة رئيسهم المزيفة إلى بحث انقطاع النبوة من أصلها، فلأن هذه الطائفة لا تفتأ تشغل ألسنتها بدعوى أن النبوة لم تنقطع، فحق علينا تذكير المسلمين بأن دعواهم هذه لا تلتقي مع حقيقة الدين الحنيف في نفس واحدة.

أوردنا في المقال السابق نبذة من أدلة انقطاع النبوة بعد الرسول الأعظم - عليه الصلاة والسلام -، ومن هذه الأدلة قوله تعالى:

{وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: ٤٠].

وقلنا: إن الخاتم بمعنى: الآخِر، وهذا هو المعنى الذي يذكره علماء اللغة والتفسير لهذه الكلمة، ففي "لسان العرب": وختام القوم وخاتِمهم وخاتَمهم: آخرهم، والخاتِم والخاتَم من أسماء النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي التنزيل العزيز:

{مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: ٤٠].

أي آخرهم. وأما التفسير، فلم نر مفسراً يذكر في بيان {وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} معنى غير معنى الآخِر، ووردت الأحاديث مؤيدة لهذا المعنى، وسقنا منها في ذلك المقال جملة، وهي لا تقصر عن درجة المتواتر.

ومن الأحاديث الصريحة في هذا المعنى: ما رواه أنس بن مالك - رضي الله عنه -، قال: قال - صلى الله عليه وسلم -: "إن الرسالة والنبوة قد انقطعت، فلا رسول بعدي ولا نبي"، فشق ذلك على الناس، فقال: "ولكن المبشرات"، قالوا: يا رسول الله! وما المبشرات؟ قال: "رؤيا المسلم، وهي جزء من أجزاء النبوة".