حتى تستطيع أن تنفذ ما أمر الله به من إصلاح، وتتحامى ما نهى عنه من فساد، وإنما يعز جانبها، ويهاب سلطانها، متى كانت كثيرة العدد، قوية الأيدي، والطب من أهم الوسائل إلى كثيرة النسل، وقوة الأجسام.
ومن المعروف أن في سلامة الأجسام معونة على انتظام الأفكار، وسداد الآراء، وسماحة الأخلاق، وإنما تتفاضل الأمم برجاحة عقولها، واستقامة أخلاقها.
وإذا تحدثنا عن الطب في هذه المحاضرة، فإنما نقصد إلى معالجة الأمراض الحاصلة في الحال، ووقاية الأبدان من أن تصاب بها في المستقبل، وذلك ما يدعى بحفظ الصحة، وكذلك قال جالينوس: الطب: حفظ الصحة، وإزالة العلة.
لما دخل عضد الدولة بغداد، دخل عليه من الأطباء: أبو الحسن الحراني، وسنان بن ثابت، فقال: من هؤلاء؟ قالوا: الأطباء، قال: نحن في عافية، وما بنا حاجة إليهم، فقال له سنان: أطال الله بقاء مولانا، موضوع صناعتنا حفظ الصحة، لا مداواة المرضى، والملك أحوج الناس إلى حفظ الصحة، فقال عضد الدولة: صدقت، وقرر لهما الجاري السنوي، وقربهما إلى مجلسه في طائفه من الأطباء.
رفع الإسلام من شأن الطب: مداواة العلل، وحفظ الصحة، وعرف هذا من القرآن الكريم، وأقوال النبي - صلى الله عليه وسلم - وسيرته.
أما القرآن الكريم، فقد أذن في ترك بعض الفرائض متى كان القيام بها يؤثر في الصحة بإحداث مرض، أو زيادته، أو تأخر برئه، وشرَّع في أحد هذه الأحوال التيمم بدل الوضوء أو الغسل، كما أذن للمريض والمسافر أن يترك