في الوصول إلى الشهوات الخارجة عن حد الاعتدال، أو في إشباع نهامة أولئك الذين يتمضمضون بالمديح نفاقاً وملقاً، وهي ما نسميه بالإسراف.
فالبخل يقوم على مبالغة الرجل في الخوف من الفقر، والإسراف يقوم على استهانته بالمال حتى لا يبقى له بجانب شهواته قيمة.
وقد يمسك الرجل يده عن الإنفاق في وجوه الخير، ويطلقها في اتباع الشهوات، فيجمع بين رذيلتي البخل والإسراف.
أما السخاء، فيقوم على الشعور بأن للمال قيمة تستدعي عدم الإسراف في إنفاقه، وأن للحياة الفاضلة مطالب يبذل المال في سبيلها غير مأسوف عليه، فالسخاء إنفاق ما ينبغي إنفاقه في الوجه الذي ينبغي الإنفاق فيه.
قيل لمحمد بن عمران بن طلحة بن عبيد الله: إنك تُنسب إلى البخل، فقال:"والله! إني لا أجمد في الحق، ولا أذوب في الباطل".
وقيل لمفضال حكيم: لا خير في الإسراف، فقال: لا سرف في الخير.
ويدخل في قبيل الأسخياء: من يكون له دين على آخر، فيطرحه عنه، ويخلي ذمته منه، وهو يستطيع الوصول إليه بدون تعب ولا عناء.
كان لعثمان - رضي الله عنه - خمسون ألف درهم ديناً على طلحة بن عبيد الله، فجاءه طلحة يوماً، وقال له: قد تهيأ مالك، فاقبضْه، فقال عثمان: هو لك يا أبا محمد معونة لك على مروءتك.
ويدخل في قبيل الأسخياء: من يستحق على عمل أجراً، ويترك الأجر من تلقاء نفسه، فالطبيب الذي يعالج الفقراء، ولا يقبل منهم ما يقدمونه له من أجور، يعد في الأسخياء، كمن يبذل المال للأطباء على معالجة الفقراء.