على أن ذلك غير قاصر على الأعيان، بل شامل حتى للبنيان.
وما زلت أسمع أن الملو ... ك تبني على قدِّ خطاها
فإن الجامع الأزهر بمصر إنما بناه القائد جوهر القادم من تونس يوم السبت ٢٤ جمادي الأولى سنة ٣٥٩ كما هو مشهور ... وإن جامع القرويين بفاس إنما بنته القانتة أم البنين السيدة فاطمة بنت محمد الفهري القيرواني يوم السبت فاتح رمضان سنة ٢٤٥ لما قدمت مع أبيها وإخوتها في وفد القيروان على مولانا إدريس باني فاس نجلِ الفاتح العظيم.
فاستحسن ما ذكرته في "القرويين"، واستغربه، فأحلته إلى صحف التاريخ المغربي؛ كالقرطاس وغيره، وإنه من الحقائق المقررة في الحقائب، فحاول أن يجعل ذلك من الإنصاف، فقاومت بأن "حقائق الأشياء ثابتة"، وأن العلم رحم بين أهله، وأن الإِسلام لا وطنية له، وإنما المؤمنون إخوة".
هذا ما كتبه فضيلة ذلك الأستاذ، وهو أحد أفاضل علماء المغرب الأقصى، ونحن لا ننسى ما للجامع الأزهر بالقاهرة، ولجامع القرويين بفاس من الأثر الكبير في نهضة العلم بجامع الزيتونة؛ فإن الكتب التي تدرس بجامع الزيتونة أغلبها من مؤلفات الأزهر، أو علماء المغرب الأقصى، ولتعاليم الجامع الأزهر، وتعاليم جامع القرويين أثر عظيم في الثقافة الزيتونية، ولا ننسى بعد هذا طائفة من علماء فاس قدموا إلى تونس، واتخذوها دار إقامة، وتلقى عنهم التونسيون من العلوم ما لم يكونوا يعلمون؛ مثل: الشيخ محمد الفاسي المتوفى سنة ١٢٣٢، وأذكر الآن أن أحد الفضلاء من علماء مصر، وهو أبو المكارم هبة الله ابن الحسن المصري، رحل من مصر إلى الأندلس، وولي القضاء بإشبيلية، وانتقل إلى المغرب، وولي القضاء بفاس، ثم استصحبه السلطان يعقوب