عليه خطيباً مصقعاً، وكاتباً مبدعاً، ومؤمناً صادقاً، ومجاهداً مخلصاً، وإذا كان لكل وطن زعيم، فمولانا محمد علي زعيم الشعوب الإِسلامية بأجمعها.
توفي هذا الزعيم الكبير في "لندن" في منتصف شعبان من هذه السنة، ولما بلغ نعيه إلى فلسطين، بعث سماحة رئيس المجلس الإِسلامي الأعلى إلى آل الفقيد برقية يرجو فيها من أخي الفقيد مولانا شوكت علي أن يوافق على جعل مثوى الفقيد في جوار المسجد الأقصى، فأجاب بالموافقة، ووصلت جثة الفقيد إلى بورسعيد في صباح يوم الأريعاء ٢ رمضان سنة ١٣٤٩، ونقلت إلى القدس الشريف ليلة الجمعة، وشيعت الجنازة في موكب حافل عظيم، ودفن في جوار المسجد الأقصى يوم الجمعة، حيث دفن كثير من أبطال الإِسلام، وفي دفن هذا الزعيم الهندي بالقدس الشريف رمز إلى أن هذا البلد المقدس وطن لجميع الشعوب الإِسلامية قاطبة، فلا يدعون الدفاع عنه إلا أن يرضوا بالصغار، وقد أمرهم دينهم بأن يعيشوا في عزة، أو يموتوا في كرامهّ، وقد سافرت عند وصول رفات الفقيد إلى بورسعيد، ولقيت مولانا شوكت علي، وأبلغته تعزية جمعية الهداية وأسفها لهذا المصاب الكبير، وكان حديث هذا الزعيم في الجامعة الإِسلامية، وأشار وقتئذ إلى ملابسه مفتخراً بأنها من المصنوعات الوطنية ما عدا القفاز (١)؛ فقد اعتذر الزعيم بأن شدة البرد اضطرته إليه، فاشتراه من باريس، وقال: سأرميه عن يدي، ولا ألبسه بعد الآن.
فنسأل الله تعالى أن يفيض على قبر الفقيد رحمة، ويعوض المسلمين منه خيراً.