بصره إلى حالنا الحاضر، ويرى ماذا تقاسيه الشعوب الإسلامية في الشرق والغرب من إهانة وعذاب، سال قلبه دماً قبل تساقط عبراته.
أروني شعباً إسلامياً يتمتع بالحرية في إقامة شعائر دينه، والتقاضي إلى شريعته السمحة، وعنده من القوة ما يجعله في أمن من سطوة الأجنبي الغاشم!.
من الأقطار الإسلامية ما يشكو بلاء الاحتلال الجائر، ومنها ما يتخبط تحت سلطان الإلحاد الفاجر، ومنها مالا يزال في استقلاله أو شبه استقلاله ماسكاً بجانب من إيمانه، إلا أنه لا يملك من القوة ما يرهب به عدوه المتخفر، أو يدافع به عدوه المهاجم.
إذاً كل الشعوب الإسلامية في مرض وبلاء، وليس بينها شعب إسلامي يستطيع أن يزعم أنه في سلامة وأمن من سوء العاقبة.
هذه حقيقة مُرَّة، يجب أن نقولها، ثم نقولها، ثم نقولها؛ لعلنا نضعها نصب أعيننا، ونبذل كل مجهود في علاجها.
تسقط الأمم بالجهل والتفرق، وإذا اجتمع الجهل والتفرق، قال لهما البؤس: إني معكما، وقد ضرب الجهل بين الشعوب الإسلامية خيامه، وتفرقوا تفرق عِقد تقطَّع خيطه، فانتثرت حباته لا تقف حبة بجانب أخرى.
سادتي! دواؤنا أن نتفقه في حكمة القرآن المهيد، ونجري على ما يرشد إليه من وسائل القوة والحياة الطيبة؛ فإنه لم يترك وسيلة من وسائل الخير إلا دل عليها، ولا باباً من أبواب الشر إلا حذر منه.
ومن أعظم وسائل الفلاح في الأولى والآخرة: أن تتعارف ونتوادَّ، ونتعاون، وقد أرشد إلى هذه الوسيلة العظمى قوله تعالى: