للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذي أوضح فيه أن الخلافة ليست من الدين الإسلامي في شيء، وهو ما قاله ابن خلدون في "مقدمته" من قبل".

يقول حضرته: إن الجميع اتفقوا على فصل الدين عن السياسة، ولم يبين لنا من هؤلاء الذين اتفقوا جميعاً على فصل الدين عن السياسة، أهم المسلمون، أم غير المسلمين؟ فإن أراد بالمتفقين على الفصل: غيرَ المسلمين، فاتفاقهم ليس بدليل ولا شبه دليل، وأن أراد جماعة المسلمين، فمثل هذا الاتفاق يراعى فيه آراء علماء الإسلام، وعلماء الإسلام مجمعون على أن للشريعة أحكاماً وأصولاً تتعلق بالقضاء والسياسة، يفرض على أولي الأمر تطبيقها وتنفيذها ما استطاعوا.

ثم إن حضرة المحامي بعد أن حكى الاتفاق على فصل الدين عن السياسة، جعله رأي الكثير من علماء المسلمين، فقال: وقال به كثير من علماء المسلمين القدامى والمحدثين.

لندع البحث في رأي الشيخ علي عبد الرازق (١)، ونقول لحضرة المحامي: أن ابن خلدون لم يقل قط بفصل الدين عن السياسة، وهذه "مقدمته" بين أيدينا، فليدلنا حضرته على العبارة التي تصرح أو تلوِّح إلى فصل الدين عن السياسة، بل نرى ابن خلدون يصرح في مقدمته تصريحاً ليس وراءه تصريح: أن السياسة الرشيدة إنما هي السياسة الدينية؛ إذ يقول: "فإذا كانت هذه القوانين مفروضة من الله بشارع يقررها ويشرعها، كانت السياسة دينية نافعة في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويقول: "مقصود الشارع بالناس صلاح آخرتهم، فوجب بمقتضى الشرائع حمل الكافة على الأحكام الشرعية في أحوال دنياهم وآخرتهم"،


(١) انظر كتاب الإمام: "نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم" في الرد على علي عبد الرازق.