للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللغة: الطريق السهل المستوي، ومعناه في الآية: ما يدعو إليه الأنبياء - عليهم السلام - من العقائد والشرائع والآداب، ومن هدي إليها، فقد ظفر بأسباب السعادة في الدنيا والآخرة.

{صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}:

الإنعام: إيصال الخير إلى الأحياء العقلاء، والمراد في الآية: الإنعام الديني، فالمنعَم عليهم: من عرفوا الحق فتمسكوا به، والخير فعملوا به. وقوله: {صِرَاطَ الَّذِينَ} بدل من {الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}، ولم يقل: "اهدنا صراط الذين أنعمت عليهم" مستغنياً عن ذكر الصراط المستقيم؛ ليدل على أن صراط هؤلاء المنعَم عليهم هو الصراط المستقيم. وقال {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}، ولم يقل: صراط الأنبياء أو الصالحين؛ ليدل على أن الدين نعمة عظيمة. ويكفي في الدلالة على عظمتها إسنادها إليه تعالى في قوله: {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}.

{غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ}:

بدل من {الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}. والغضب ضد الرضا، وهو في أصل اللغة حركة في النفس تنزع بها إلى طلب الانتقام، وإذا أسند إلى الله، فسروه بمعنى: إرادة الانتقام، أو بمعنى: الانتقام نفسه. والموافق لمذهب السلف أن يقال: هو صفة له تعالى لائقة بجلاله، لا نعلم حقيقتها، وإنما نعرف أثرها، وهو الانتقام من العصاة، وإنزال العقوبة بهم. وأتى في وصف الإنعام بالفعل المسند إلى الله تعالى، فقال: {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}، وفي وصف الغضب باسم المفعول، فقال: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ}، وفي ذلك تعليم لأدب جميل، هو أن الإنسان يجمل به أن يسند أفعال الإحسان إلى الله، ويتحامى أن يسند إليه أفعال العقاب والابتلاء، وإن كان كل من الإحسان والعقاب