إن غايتكم هذه هي غاية الأنبياء والمرسلين، وقد جعلكم الله ورثتهم: تقومون بما قاموا، وتؤدون الله والوطن ما أدوا. إنها أسمى غاية وأنبلها، وبدونها يكون كل إصلاح -وإن اجتهد صاحبه- سطحياً ظاهرياً، لا ينفذ إلى باطن الأمر ولبه، بل يكون رقماً على الماء، أو نقشاً في الهواء، وقد نبه على ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ يقول:"ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت، صلح الجسد كله، وإذا فسدت، فسد الجسد كله، ألا وهي القلب".
أبنائي! إن الأمر الجسيم لا ينال إلا بالعمل الجسيم، والإعداد القوي.
فعليكم -أيها الطلاب- أن تعدوا أنفسكم لهذا الأمر الجلل، وذلك بأن تكملوا أنفسكم بالعلم، وتهذبوها بالخلق، وتجعلوا غايتكم أمامكم؛ لتسددكم وتقويكم، وتشد من عزائمكم. وستجدون -إن شاء الله- من أساتذتكم آباء رحماء، ينهلونكم من مناهل العلم والتثقيف، ويعنون بكم في الدرس وفي خارج الدرس، ويرعونكم ويوجهونكم، ويحلون ما يعرض لكم من مشكلات في حياتكم العلمية والاجتماعية. وسنربط بينكم -بإذن الله- رباط وثيق من المحبة والتعاون على بلوغ هذه الغاية العظمى.
سددكم الله وقوَّاكم، وأعاننا وإياكم على هذا الإصلاح العظيم، في هذه النهضة العظيمة المباركة، والسلام عليكم ورحمة الله.