ما ينقصنا من أوطان إخواننا الذين يكثر ذلك عندهم؟ لماذا لا نعتبر الوطن الإسلامي وطناً واحداً في تبادل منافعه بالحق والخير، مع الاعتراف لأهل كل بقعة بأن الأقربين لها أولى بالمعروف، وأن عليهم أعباءها في مقابل ذلك، ثم علينا معاونتهم ولنا عليهم أن يكونوا في عوننا؟ ولماذا لا نفتح لهم قلوبنا ليفتحوا لنا قلوبهم، وبذلك نحصل على مفاتيح الخير كلها في السماوات والأرض؟
* ميثاق الإنسانية:
إن عقبة واحدة واقفة في طريق تحقيق ذلك، وهي أننا تناسينا ميثاق الإنسانية الذي عقدته رسالة الإسلام بين الأصفر والأحمر، والأسود والأبيض، وقد علّمنا الاستعمار في داخل فصول مدارسنا التي ننفق عليها من أموالنا بأن المسلمين أجانب عن المسلمين، وأن الإسلام نفسه شبح مخيف يجب أن نتنكر حتى للأخلاق التي يدعو إليها، وللمثل العليا في التاريخ التي ضربها أبطال التاريخ الإسلامي للعالم بما بنوا من أمجاد، وبما أقاموا من حق، وبما نشروا من دعوة الخير، فنشأ أبناؤنا ومعاصرونا غرباء عن هذا الجو، متخوفين من فتح نوافذهم إلى ناحيته، ولهذا بقي المسلمون متقاطعين فيما بينهم، ومقاطعين لميثاقهم الإنساني الأعظم، ومتجافين عن أخلاق دينهم التي بعث الله نبيهم ليتمم مكارمها، ويجمل الإنسانية بها.
وإذا كانت مدارسنا لا تحب أن تعلم هذه الأشياء لأبنائنا، فلماذا لا يقوم سليمو النية من أفاضلنا وأذكيائنا ومثقفينا بدراسة روح الإسلام من ناحيتها التعاونية والتعاملية، ويحاولون استنباط معادن الخير منها؛ لننتفع بها في أزماننا الحاضرة؟.