وهل حللت بغارٍ حل ساحته ... مَن دِينُه مقنعٌ للعقل والفطر
ما أحسن السير في أرض مقدسة ... منها أتانا الهدى والذكر ذو السور
كرِّرْ بربك عن ركب الحجيج على ... هذي المسامع ما شاهدت من عبر
كم كان فيه من الآفاق من أمم ... شقوا إليه سبيل السهم والوعر
جاؤوا على شغف يبغون مغفرة ... من غافر الذنب مهما كان في الكبر
لما وقفتم على عرفات وامتلأت ... منه الرحاب بأشكال من الزمر
بأي عين نظرت الركب مجتمعاً ... وكيف قلبك لم يقفز ولم يطر
في ذلك المجمع الميمون قد جمعت ... شتى الوسائل للإنقاذ من خطر
فهل تعارف أهل الدين واشتوروا ... فيما يقدمهم من صائب الفكر
لا شكَّ قلبك أضحى يوم سيركم ... نحو المدينة في بشر وفي حصر
أما السرور فشوقاً نحو ساكنها ... والضيق حزناً على بيت الهدى العطر
تلك الصحارى التي جزتم مفاوزها ... هل ذكّرتكم عهود الأنس والسمر
أيام كنا تخاف الناس سطوتنا ... وكان أعظمهم منا على حذر
يا لهف قلبي على أيام عزتنا ... ولّت سراعاً فلم ترجع ولم تزر
لما أتيتَ إمام الخلق كلهم ... ماذا صنعت بذاك الموقف الخطر
هل ذبت شوقًا وإجلالاً لحضرته ... أم كنت ثَبْتاً فلم تفرق ولم تحر
وقلت ما قلته من قبل في أسفٍ ... يا سيد الرسل نجِّ الدين من شرر
وهل دعوتَ لنا في روضةٍ شرفت ... لما دنت من ضياء القلب والبصر
قد نلْتَ ما تبتغي فارجع بعافيةٍ ... يحفك السعد في مَكْثٍ وفي سفر