عام ١٣١٢ تولى منصب الإفتاء، وكان يجمع بين الفتوى والتدريس بجامع الزيتونة، حتى توفي منتصف ليلة السادس عشر من رمضان سنة ١٣٣١ - أفاض الله على قبره رحمة ونوراً-.
كان الأستاذ -رحمه الله- غزير العلم، كريم الأخلاق، يحب البحث، ويتلقى مناقشة الطلاب بصدر رحب، كنت ممن حضر درسه لكتاب "المواقف"، ودرسه لتفسير القاضي البيضاوي، ودرسه لشرح عبد الباقي الزرقاني على المختصر الخليلي، ولشدة استقصاء الأستاذ لما يقرره الكاتبون، وعنايته بنقد ما يوردونه من الآراء، مكثنا بضع سنين في أبواب من هذه الكتب معدودة، وكنت أستفيد من مجالسه ما لا يقل عما أستفيده من دروسه، إذ كان -رحمه الله- ذا ذاكرة لا تخونه فيما يستودعها إياه من علم، ولم نر له في سعة الاطلاع والمحاضرة بالعلوم على اختلاف فنونها من نظير.
وكان على طريقة علمائنا الراسخين في التواضع والحلم والتقوى، والعطف على طلاب العلم، فما رأينا منه في يوبم الكراهةَ لبحث باحث، أو الإعراضَ عن سائل، فضلاً عن أن يسمع منه الطالب كلمة جافية.
* مؤلفاته:
من آثار الأستاذ: مجموعة أختام (إملاءات) على أمهات أحاديث "صحيح الإمام البخاري" كان أملاها بجامع سيدي أحمد بن عروس منذ عام ١٢٨٢، وبجامع الحرمل منذ عام ١٣١١، ومنها "مجموع الفتاوي" في ثمانية مجلدات، وله كتاب "بغية المشتاق في مسائل الاستحقاق"، وهو مجلد ضخم، جمع فيه ما تفرق من مباحث هذا الكتاب، وحرر فيه أحكام النوازل التي تعرض بالقطر التونسي كثيراً، وله محررات فقهية كتبها بمناسبة