بانحراف كما وقع لغيرها من اللهجات العربية الحاضرة، ولكن حكومة الاحتلال هضمت حق اللغة العربية؛ إذ جعلت حظها في التعليم بمدارس الحكومة دون حظ اللغة الفرنسية، وجعلت الفرنسية كاللغة العربية لغة رسمية، وجرت على أن لا يقبل في إدارة البريد برقية إلا أن تكون مكتوبة باللغة الفرنسية.
* مجلس الشورى في تونس:
أنشأت فرنسا بتونس سنة (١٣٢٥ هـ - ١٩٠٥ م) مجلساً شورياً للنظر في مصروفات الدولة، ويتألف هذا المجلس من فرنسيين وتونسيين، والأعضاء الفرنسيون ٥٦، والأعضاء التونسيون ٤١، من بينهم ٧ من اليهود، وآراء هذا المجلس استشارية فقط، لا تتقيد بها الحكومة، واستثنت من هذا فصولاً من المالية لا تعرض على هذا المجلس؛ كمصروفات الدَّين التونسي، ومرتب الوزير المقيم وأعوانه، ومصاريف العدلية الفرنسية التونسية، ومصاريف الأمن العام.
* غطرسة المعمرين واحتقارهم للوطنيين:
يرى أولئك المعمرون أنهم أرفع من الوطنيين في الإنسانية درجات، ويعاملونهم معاملة السادة للخدم، وتأبى هذه الغطرسة إلا أن تظهر في أقوالهم وأعمالهم؛ كأنهم يفهمون أن الاحتلال لا يقف على أقدام راسخة، ولا يملكون به السيادة المطلقة، إلا إذا أشعروا الوطني بأنه في منزلة محتقرة؛ حتى لا يطمع في أن يقف بجانبهم موقف الأنسان من أخيه الإنسان، وأسوق مثلاً على هذا: أن الحكومة عندما أنشأت مجلس الشورى الذي أسلفنا الحديث عنه، أظهر هؤلاء المعمرون -وهم أغلب أعضاء هذا المجلس- نفوراً من أن يجتمعوا