كحكومة مصبوغة بالمسيحية الكاثوليكية، وأذكر أن مناقشة جرت بالبرلمان الفرنسي في فصول من الميزانية الفرنسية تتضمن العناية بجمعيات التبشير، فقام وزير الخارجية، وقال ما معناه:"إن فرنسا غير متدينة داخل حدودها، وإنها متدينة في الخارج".
والوطنيون لا يأخذون على فرنسا أن تكون مصبوغة بالمسيحية خارج بلادها، وإنما ينكرون عليها إجراءات تتحيز فيها للمبشرين، وتجرح بها إحساس المسلمين، أو تهضم بها حقاً من حقوقهم، ومثال هذا: أنها نصبت في أشهر ميدان من ميادين العاصمة تمثالاً للكردينال "لا فيجري" شاهراً صليبه، رافعاً إياه فوق رؤوس المارين من العرب المسلمين، ومثال آخر: هو أنها عينت بالمؤتمر الإفخارستي الكاثوليكي الذي قام في تونس سنة ١٩٣٠، وساعدته بمليوني فرنك من خزينة الحكومة التونسية، علاوة على ما أرصدته إدارة الأشغال العامة للإنفاق على رصف الطرقات، ونصب المظلات للوافدين بمكان انعقاد المؤتمر.
* جهاد التونسيين في سبيل قضيتهم:
لم يغمض التونسيون أعينهم عن سالف مجدهم، ويستلموا استسلام الشعب الميت لما يلاقونه من عهد الاحتلال من عسف، بل كانوا يقابلون ذلك بالغضب والإنكار بما استطاعوا، ولهم في جهادهم مواقف حفظها التاريخ، وكم قاموا بمظاهرات تعرضوا بها للنار والحديد، وابتلوا بالاعتقال والسجن والإبعاد إلى أطراف القطر وخارجه، وكانوا يحتملون ذلك الأذى، ويتلقونه بالتجلد والتصميم على العمل لخير وطنهم.
ولا أطيل الكلام بسرد الوقائع في هذا الغرض، وأقتصر على حديث