للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الأوهام والغطرسة، علاوة على أن طلاب الحقيقة وذوي البصائر التي تنفذ من معاني الألفاظ إلى مناجاة روح منشئها ليسوا بكثير.

ولكني ألقي إليكم نبذة من تاريخ حياتي في الشرق أيام كان العرب في اتصال مع الدولة العلّية، وهي -فيما أحسب- كافية لكشف اللبس الذي ثار من خلال تلك الكلمات.

قدمت سورية سنة ١٣٣١ هـ فشعرت من نفحات بعض الجرائد، ولحن بعض الخطب والمسامرات: أن من بين سكانها فئة قليلة تعمل للانفصال عن الدولة العلّية، غير متحرزة من عقر الوقوع في قبضة دولة أجنبية، ولكن الجمهور منهم إنما يشكون شيئاً من سوء الإدارة، ولا تزيد أمنيتهم على أن يصلح هذا الخلل، ويعيشوا في ظل الخلافة هادئين.

ولما أمسكت القلم لأطرق باب الدعوة إلى الوفاق، بدا لي أن أكون على بينة من مجرى السياسة؛ لأجمع بين النصح للدولة، وعدم الإغضاء عن حق الأمة، فكنت أنشر مقالات وقصائد في مجلة "البلاغ" (١) وغيرها، أقيم فيها الحجة على أن في نفوس أولئك المتطرفين لطخاً من الغباوة، أو القصد إلى العبث بمستقبل الأمة، ثم أنبه الدولة على وجه التذكرة لإصلاح بعض مغامز هي بأجمعها لا تبلغ جزءاً من مئة إذا قيست بما تعانيه الشعوب الإسلامية الأخرى من أخف الدول الأجنبية وطأة.

ومما قلت في قصيدة أدعو فيها إلى اتحاد العنصرين:

ما العرب والترك إِلا إخوة نشآ ... في مهددين فكانوا السيف والبطلا


(١) مجلة كانت تصدر في بيروت، ويرأس تحريرها محمد باقر.