الصلاة في اللغة: الدعاء، واستعملها الشارع في العبادة ذات الركوع والسجود؛ لاشتمالها على الدعاء. وإنما تقام الصلاة بأدائها في أوقاتها المقدرة لها، وتعديل أركانها، وإيقاعها مستوفية لواجباتها، وآدابها. والصلاة المقامة بحق هي التي يصحبها الإخلاص، واستحضار جلال الله في الركوع والسجود، وهي التي تترتب عليها الآثار العظيمة من تزكية النفس وعفافها، وسلامة الناس من إيذائها؛ كما قال تعالى:{إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}[العنكبوت: ٤٥].
{وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}:
رزقُ الله الناس: إعطاؤه لهم ما ينتفعون به من المطعومات والملبوسات ونحوها من مرافق الحياة. والإنفاق من الرزق: إنفاذ جانب منه في وجه من الوجوه الحيوية، وقد جاء في الآية مطلقاً، ووروده في مقام مدح المتقين يدل على أنه إنفاق في وجوه الخير. وقال:{يُنْفِقُونَ}، ولم يقل: أنفقوا؛ ليفيد أن الأنفاق يتجدد منهم المرة بعد الأخرى، والعرب تعبر بالمضارع ليفيد أن الفعل يحدث ويتجدد مرة بعد أخرى، والإنفاق في الآية مطلق، فيبقى على إطلاقه شاملاً للواجب والمتطوَّع به.
وإيراد (من) في قوله: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ} إشارة إلى أن إنفاق بعض المال مع تجدد الإنفاق يكفي لدخول صاحبه في زمرة المهتدين المفلحين.
وعني القرآن الكريم بمدح المنفقين، والحث على الإنفاق؛ إذ كان من أعظم الوسائل إلى رقي الأمم وسلامتها من كوارث شتى؛ مثل: الفقر، والجهل، والأمراض المتفشية، فببذل المال تسد حاجات الفقراء، وتشاد