للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على ما هو العادة عند قومه، وعلى هذا، فمن جرى عرف قومه بالحلق، كان الأولى في حقه العمل على مقتضاه، ويحتمل أن يكون على وجه التشريع، فيكون سنّة، وهو ما فهمه أَبو الوليد الطرطوشي، وابن العربي، وصرّحا بأن حلق الرأس لغير نسك بدعة، والذي يقوى في النظر: أن ترك الحلق هو من باب العادة، فلا يعد الحالق مبتدعاً، وقد يقال: لا تثريب على من ترك حلق رأسه بقصد التأسي بالنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فإن الصحابة والسلف الصالح كانوا يحافظون على الأسوة به في العادات؛ كما يحافظون عليها في السنن، فيعارض بأن الشارع قد أمر بموافقة ما جرى به العرف في غير ما شرّعه.

وبعد أن ختمت المسامرة، وانفضت الجماعة، تجاذبنا مع ذلك المدرس محادثة خاصة، فاستجلينا من خلالها: أنه الشيخ محمد الصالح بن الشايب العدل بالمحكمة القضائية.

ومما جرى في خاتمة المجلس لفظ: "منطاد"، فقلنا: هو الآلة التي تطير في الهواء المسماة بالبالون، وهو لفظ عربي، في "القاموس" (١): الانطياد: الارتفاع في الهواء صعداً، والمنطاد: البناء المرتفع.

ويوجد في هذه البلد مدرس آخر، وهو الشيخ عبد المجيد، كنت في السنة الفائتة أتيت المسجد الذي يدرس فيه "المختصر الخليلي"، وقد سبقت لنا معرفته بالحاضرة، فرحب بنا، وأحسن لقاءنا، ثم سعى بنا إلى محل الدرس، فجلس عن يسارنا، وشرع في تقريره بطريقة مقتصدة خالية عن التطويل، بعيدة عن الاختصار، وطالعُ الدرس: قول صاحب المختصر: "وعفى عما يعسر"، وبأثر انقضائه عقدنا معهم المسامرة، اشتمل غالبها على تفسير


(١) "القاموس المحيط".