أبو إسحاق الشاطبي فيما حكينا عنه آنفاً، ويصح أن يتفق أهل الإسلام على جوازه.
أما ترجمة المعاني الأصلية للقرآن كله، أو لجزء كبير منه متتالي الآيات، فيلحقها من الخلل ما يوجب الحذر منه.
يقع في الذهن أن لترجمة القرآن المجيد فائدة هي نشر دعوة الإسلام بين الشعوب التي لا تفهم الكلام العربي، ويضاف إلى هذا: أن كثيراً من الأوربيين قد صنفوا ما سمَّوه: ترجمة القرآن، واشتملت هذه التراجم على أخطاء فاحشة صدرت منهم على جهالة، أو على عمد، ولا يكفي شرَّ هذا الفساد إلا أن ننقل معاني القرآن إلى تلك اللغات على وجه صحيح.
ويتراءى إزاء هذا وجوهٌ من الفساد تعترض في سبيل ترجمته، حرفية كانت أو معنوية.
ومن هذه الوجوه: أن يكون اللفظ ذا معنيين، أو معانيَ تحتملها الآية، فيضطر المترجم إلى أن يضع بدله من اللغة الأجنبية اللفظ الموضوع لما يختاره من المعنيين أو المعاني؛ حيث لا يجد لفظاً يشاكل اللفظ العربي في احتمال تلك المعاني المتعددة.
واشتمالُ القرآن على آيات كثيرة تحتمل وجوهاً من التأويل -ولاسيما الآيات المتشابهة؛ كآيات الصفات- يجعل من يحاول ترجمته مضطراً إلى أن يأخذ في الترجمة بالوجه الذي يراه راجحاً، فتخرج التراجم -إذا تعددت- مختلفةً اختلافاً متباعداً، وذلك الاختلاف يفتح باباً لتوهم المطلعين عليها -من غير العارفين بالعربية- أنه قد وقع في نُسَخ القرآن اختلاف كما وقع في غيره من الكتب السماوية.