القدماء: إن اللؤلؤ متكون من مطر ينزل في شهر نيسان، فتتلقى بعض قطراته الحيات، ويقع بعضها في الأصداف، فما وقع في أفواه الحيات، صار سماً ناقعاً، وما وقع في الأصداف، تبلور وصار لؤلؤاً، وقد عقد الشاعر العربي هذا المعنى بقوله:
أرى الإحسان عند الحر ديناً ... وعند النذل منقصة وذمّا
كقطر الماء في الأصداف دُرٌّ ... وفي جوف الأفاعي صار سمّا
وقال المحدثون في تكوين اللؤلؤ على ما ورد للعلامة الحوراني في كتابه:"الآيات البينات": إنه يستخرج من أصداف حيوانات عجيبة الصنع والتركيب، تعوم في أول نشأتها على وجه الماء، وتغتذي، ثم تهبط الأعماق تسكن هنالك، وتحمل إليها اللجة الهواء والغذاء، ويتكون عليها الصدف من المواد الكلسية للوقاية من الأخطار، والدرُّ متولد في لحمها من مادة أصدافها عينها، وأعمقه مغاصاً كبره حجماً. والجمهور اليوم على أنه ينشأ من تجمع رمل أو حيوانات ضارة تدخل الصدفة قسراً، فيفرز حيوانها مادة لزجة يغطيها بها، ثم تجمد وتتحجر.
ويذهب بعض العارفين: أن السبب الصحيح لإحداث اللؤلؤ إنما هو مرض يأخذ الحلز؛ بدليل أنه متى كان المغاص حسناً، تنمو فيه المحار كثيراً، وتبلغ حجماً عظيماً، وهي نقية ليس لسطحها الخارجي درن ولا ثؤلول، ولا نقوب تحدثها الديان، بل تراه ملساً جميلاً، يدل مجمع حالة على تمتع الحلز بالعافية، متى كان ذلك، ترى اللؤلؤ نادراً قليلاً، وأما إذا كانت الأصداف مشوهة الظاهر، متضخمة عند أسفلها، ملأى بالعقد والأدران، فهذه هي الأصداف الملأى باللآلئ الفاخرة، والدرر النادرة.