فيها تسعة أشهر في عام ١٩١٧ م، ثم أقام فيها مدة سبعة أشهر عام ١٩١٨ م. ومن رفاقه هناك: الشيخ صالح الشريف، وإسماعيل الصفايحي، وعبد العزيز جاويش، والدكتور عبد الحميد سعيد، واللواء يوسف مصطفى، وغيرهم.
كانت رحلته لأداء مهمة وطنية جليلة، فقد جندت فرنسا مئات الآلاف من المغاربة: تونسيين، وجزائريين، ومراكشيين، وألقت بهم في الخنادق الأولى من المعارك التي خاضتها ضد ألمانيا. وكان الإمام يقوم بالاتصال اليومي مع الأسرى، ويحرضهم على الثورة ضد الفرنسيين، ويدعوهم إلى الإنضمام إلى الدولة التركية التي سوف تساعدهم على تحرير بلادهم من الاستعمار.
مهمة صعبة قاسية أداها الإمام في جو الحرب المرعب، تحت القذف الدائم، والدوي المتواصل لأصوات القذائف، والتنقل عبر خطوط القتال ليصل إلى أقرب نقاط التماس مع القوات الفرنسية، وتطلق محاضراته وكلماته بواسطة المدافع إلى خنادق الفرنسيين؛ ليقرأ المغاربة الدعوة إلى عدم مؤازرة مستعمر بلادهم في هذه الحرب، بل عليهم القتال في أوطانهم ضده.
وأقام مع إخوانه المجاهدين في برلين (اللجنة التونسية الجزائرية) التي تهدف إلى تحرير بلاد المغرب، والدفاع عن قضاياها. وله مقالات ومحاضرات في الصحف والمنتديات، ولا سيما تلك التي تلقى يومياً على جموع الأسرى المغاربة في المعتقلات.
وأصدرت سلطات الاحتلال في تونس حكماً عليه بالإعدام غيابياً؛ لتحريضه المغاربة المعبئين في الجيش الفرنسي على التمرد والعصيان، ودعوتهم إلى الثورة على فرنسا، كما أصدرت السلطات الفرنسية أمراً مؤرخاً في