وأنشؤوا منذ خمس سنوات داراً في "دالم" على جانب من برلين، وجلبوا إليها كل ما يفتقر إليه علماء الطبيعة من أدوات التجربة والوسائل المساعدة على البراعة الفائقة في هذا العلم، والمقدرة الواسعة في استنباط نتائجه، وقد أصبحت هذه المحلة دار إقامة لكثير من علماء الطبيعة.
وشرع (فريدريك الأول) الذي نُصّب ملكاً على "بروسيا" في أوائل المئة الثامنة عشرة، بإنشاء دار كتب يقدر ما في خزائنها من المجلدات بمليون ونصف. ومن بينها قسم للكتب التركية، وآخر للكتب العربية. طفت بعض خزائن هذا القسم، فكنت أتناول كتاباً بعد آخر، فأجدهما مختلفين في فنيهما اختلافاً بعيداً، ثم طالعت الفهرس، فألفيته مرتباً على حروف المعجم، بحيث تسرد فيه الكتب التي تشترك بأوائل أسمائها في حروف من حروف الهجاء على نسق واحد، وإن تفرقت في موضوعات فنونها. فقرأت في حرف الهمزة مثلاً:"أحكام القرآن" لابن العربي، "إسعاف المبطي"، "الإعلام بالتوبيخ لمن ذم أهل التاريخ"، "إنفاذ الأوامر الإلهية بنصرة العساكر العثمانية وإنقاذ الجزيرة العربية". وخصوا قسماً منها بالخرائط الجغرافية العتيقة والحديثة، وبها معرض نضدوا فيه آثار الخطوط العتيقة، وما سبق لحروفها من الأشكال الغريبة، وفتحوا في طبقتها الأولى للمطالعة محلاً سمكوا بناءه في شكل مثمن فسيح، وصففوا فيه مكاتب وكراسي في دائرة كبيرة، ومن فوق كل مكتبة مسرجة من الكهرباء، وأعدوا قبالة هذا المحل بهواً في شكل مربع مستطيل لمطالعة الجرائد والمجلات خاصة، ويماثله في طبقة عالية محل لمطالعة الكتب العربية والتركية، أو النسخ منها.
ولا يمكَّن أحدٌ من كتاب إلا إذا كانت بيده ورقة الإذن في المطالعة،