القاعدة المصنوعة في مؤتمر المستشرقين؛ حيث لم تعد فيها الضمائر على مذكور تقدم لفظاً ورتبة، وهي غير مخالفة للقاعدة الصحيحة؛ إذ لم يجئ فيها ضمير عائد على متأخر لفظاً ورتبة، وقصارى ما يقال فيها: إنها راجعة إلى ما استغني عن ذكره بما يدل عليه من قرائن في نفس اللفظ، أو أحوالٍ أخرى تحفُّ بمقام الخطاب، وهذا الوجه من استعمال ضمائر الغيبة قد قرره النحاة والبيانيون، ولم يروه منافياً لقاعدة من قواعدهم في حال.
فهذا ابن مالك يقول في كتاب "التسهيل": "الأصل تقديم مفسر ضمير الغائب، ولا يكون غير الأقرب إلا بدليل، وهو إما مصرح به بلفظه، أو مستغنى عنه بحضور مدلوله حساً أو علماً، أو بذكر ما هو له جزءٌ، أو كلٌّ، أو نظير، أو مصاحب بوجه ما".
وهذا ابن الحاجب يقول في "الكافية": "والمضمر ما وضع لمتكلم أو مخاطب أو غائب تقدم ذكره لفظاً أو معنى أو حكماً".
وهذا السكاكي يقول في كتاب "المفتاح" عند البحث عن الداعي إلى أن يكون المسند إليه ضمير غيبة: "أو كان المسند إليه في ذهن السامع".
وقال العلامة السيد في "شرحه" مبيناً حضور المسند إليه في ذهن السامع: "وحضوره فيه إما لكونه مذكوراً لفظاً، أو معنىً، إما لكونه في حكم المذكور لقرائن الأحوال، لفظيةًّ كانت أو معنوية".
وقال سعد الدين التفتزاني في "الشرح المطول": "وقد يكون وضع المضمر موضع المظهر لاشتهاره ووضوح أمره؛ كقوله تعالى:{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ}[القدر: ١]؛ أي: القرآن، أو لأنه بلغ من عظم شأنه إلى أن صار متعقل الأذهان؛ نحو: هو الحي الباقي، أو لادعاء أن الذهن لا يلتفت إلى