بقبول حسن، وإن وجدوه في خطأ، نبهوا على وجه خطئه بالتي هي أصوب، وإذا أبدى بعض المدرسين أو الكاتبين رأياً حاول به هدم أساس من أسس الشريعة، أو نقضَ أصل من أصول الدين، فلقي بعد تفنيد رأيه بالحجة شيئاً من الإِنكار، فذلك لأنه نادى على نفسه بقلة العلم، أو مرض القلب، وليس من مصلحة طلاب العلم أن يجلسوا إلى من يبادرهم بآراء في أصول الدين يخرج بها عما أجمع عليه أئمة الإِسلام جيلاً بعد جيل، فلا يرمي التدريسَ في الأزهر بعدم الحرية في النقد إلا من فاته أن يعرف حال المحققين من علمائه، أو من أراد من كلمة الحرية معنى غيرَ المعنى الذي يعقله العالمون.
* طلاب العلم به:
يقص علينا التاريخ أن طلاب العلم بالأزهر كانوا في سنة ٨١٨ هـ سبع مئة وخمسين شخصاً، وكانوا في سنة ١٢٩٣ هـ عشرة آلاف، وسبع مئة وثمانين طالبأ، أما عددهم اليوم، فيقدر بنحو ٩٤٦١: في الأقسام الابتدائية ٥١٠٦، وفي الثانوية ٢١٨٢، وفي القسم العالي ١٠٣٣، وفي القسم الموقت ٤٩٠، هذا عددُ الطلاب المصريين، ويضاف إليهم نحو ٦٥٠ من المنتسبين إلى أقطار إسلامية مختلفة.
وبهذا العدد الكبير من الطلاب المصريين الذين يردون الأزهر في أول السنة، ويعودون إلى بلادهم في آخرها، بقي احترام الدين وطاعة أوامره في نفوس الأمة المصرية راسخاً، ولولا هذه الروح التي يبعثها الأزهر في كل ناحية، لوجدت دعاية الفسوق عن الدين الحنيف المجال واسعاً.
ولا أحرص من طلاب العلم بالأزهر على فهم مقاصد المؤلفين، فلا تجدهم يقنعون بفهم مسائل العلم في نفسها حتى ينقدوا عبارة الكاتب,