إن قنصل مصر نازل بالتكية المصرية، وهو يسأل عنكم، وراغب في لقائكم، فقلت له: سأزور التكية بعد قضاء المناسك، فقال: إنه يسأل عن محل إقامتكم، ويريد زيارتكم، وها هي هذه التكية على مقربة من أحد أبواب الحرم الشريف، فوافقته على أن نذهب إلى التكية بعد صلاة العشاء، وذهبنا حسب الوعد، فوجدت طائفة من فضلاء المصريين، من بينهم حضرة القنصل الأستاذ حافظ عامر، فجلس إلى جانبي، وأخذ يجاذبني أطراف الحديث في استنارة فكر، وصفاء سريرة، ورقة اشاس، حتى خيل إليّ أني أتحدث مع صديق حميم قضيت في صداقته سنين، وأبدى رغبته في أن نكون رفقة في أيام عرفة والمزدلفة ومنى حتى العودة إلى جدة، وكذلك قضينا تلك الأيام الزاهرة في قضاء المناسك، يتخللها مذكرات لذيذة، ولندع بقية الحديث عن تلك الأيام إلى ما سنكتبه -إن شاء الله تعالى- في مشاهد تلك الرحلة المباركة.
وملخص القول: أن الأستاذ حافظ عامر مثلٌ كامل لرجل دولة إسلامية يحق لها أن تكون زعيمة للعالم الإسلامي، فإنا في حاجة إلى أن يكون لنا رجال دولة يجمعون إلى بعد النظر في السياسة سماحة الأخلاق، واحتراماً للدين، واعتزازاً به أشدَّ من اعتزازهم بالإمارة والوزارة وغيرها من المناصب السامية. وذلك ما كان يتمثل لنا في روح الأستاذ المحتفل بتكريمه، جزاه الله عن الإسلام خيراً، وأكثر من أمثاله.