ولعل شبابنا النجباء يشعرون بأن انتظامهم في جمعية يديرونها بأيديهم، ويسلكون بها محجةً ليلُها كنهارها، أطهرُ لقلوبهم، وأرفع لذكرهم، وأسرع بهم إلى امتطاء العزة القعساء.
إن موقع مصر الجغرافي، وتبريزها العلمي يجعلانها أهلاً لأن تكون عاصمة الشرق الأدبية، وهذا ما يستدعي أن تقوم بها جمعية تنتظم الشبان على اختلاف أوطانهم؛ حتى تسري روح الأدب الخالص في سائر الشعوب يميناً ويساراً، وإن هذا العمل لمما يزيد الأمة المصرية فخراً على فخرها، ويضيف إليها عظمة على عظمتها.
حدث تباعد بين طائفتين: طائفة تنفر من الجديد، وأخرى لا تحترم القديم، وقد بصر بهذا التباعد بعض من يضعون أقلامهم في غير نصيحة، فانهالوا يوسعونه طولاً وعرضاً.
وشأن هذه الجمعية أن تعمل لحثّ البطيء تارة، ولرد الجامح عن السبيل تارة أخرى، وبهذا يتيسر لها أن تضع مكان التباعد ائتلافاً، ومتى فتحت نادياً يؤمه الناشئون على اختلاف طرز تعليمهم، خلصت أفكارهم، وتقاربت آراؤهم، وتقاربُ الأفكار والآراء وسيلة ائتلاف القلوب، واتحاد العواطف، والأمة التي تأتلف قلوبها، وتتحد عواطفها، لا يبقى بينها وبين الحياة الآمنة المطمئنة إلا قاب قوسين أو أدنى.
كانت النهضة الاجتماعية في مصر بريئة من أن تحمل في أي ناحية من نواحيها لوناً جافياً، فأقبلت الشعوب الشرقية تحفها بالإجلال، وتلقي إليها بمقاليد الزعامة من صميم أفئدتها، ولا أكتمكم حديثاً هو: أننا أصبحنا نسمع في حسيس هذه النهضة المباركة نغمة غير طيبة، ولا أرى شبابنا المخلصين