وأما آية:{وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي}[طه: ٢٧]، فمرجع الضمير فرعونُ وملؤه الذين شأنهم أن يحضروا في علم السامع متى ذُكر فرعون، إذ رئيس القوم كفرعون لا تقع صورته في الذهن غالباً إلا مصحوبة بما يحف به من رجال، وقد بسطنا لك القول في أن الإتيان بضمير الغيبة لا يتوقف على أن يكون مرجعه مذكوراً لفظاً، بل يكفي فيه أن يحضر في ذهن السامع، ولو من غير طريق الألفاظ الموضوعة للدلالة عليه.
* رأي المحاضر في الضمائر غير المطابقة:
قال المحاضر:"فعدم المطابقة إذن ليس من خصائص الضمير، ولا هو من خصائص الأسماء الموصولة، وإنما هو أسلوب من أساليب القرآن، إذا أمكن ضبطه وتحديده، فقد أمكن حل مسألة الضمائر غير المطابقة، أو التي لا مرجع لها، ويتلخص هذا الأسلوب في أن القرآن يستعمل أحياناً أسماء عامة أو خاصة، وهو يريد أن هذه الأسماء تدل على أصحابها أولاً، وتمثل جماعات أخرى ثانياً؛ أي: أن هؤلاء الأشخاص ممتازون، لهم من المكانة في حياتهم الاجتماعية ما يجعلهم عنواناً لقومهم".
قال المحاضر هذا، وأراد تطبيقه على الآية الأولى:{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ}[الأحقاف: ١٥]؛ بناء على أنها نزلت في أبي بكر الصديق، وعلى الآية الثانية:{وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي}[طه: ٢٧] زاعماً أن فرعون يمثل المصريين!.
قد أريناك أن ليس في القرآن ضمير لا يطابق مرجعه، وأن مرجع الضمير قد يكون مذكوراً، وقد يستغنى عن ذكره بما يدل عليه من قرينة لفظية، أو غير لفظية، والآية من هذا القبيل، ولا يشترط في مطابقة ضمير الجمع لمرجعه المذكور قبله أن يكون لفظه جمعاً، بل يكفي فيه أن يكون مدلوله الجنس،