العمل، وهو القاعدة التي يجري عليه كل تقدم وارتقاء.
ومن الطرق التي تنهض بالكاتب في زمن يسير، وتساعد قوته الصانعة على الإجابة في طرفة عين، وتطبع في صحيفتها ملكة الهجوم على المعاني وبثّها في ألفاظ رصينة غير متوعرة، انحيازه إلى دري بشعاب هذه الصناعة، يقف به على المنافذ التي يسري منها الخلل إلى التأليف، ويبصره بالمذاهب التي ارتقت من نحوها التحارير الفائقة، ولقد قال أئمة الصناعة الشعرية:"لا تجد شاعراً إلا وقد لزم شاعراً آخر المدة الطويلة، وتعلَّم منه قوانين النظم، واستفاد منه الدِربة في أنحاء التصاريف البلاغية". فقد كان "كُثيِّر" أخذ علم الشعر عن "جميل"، وأخذه جميل عن "هدبة بن خشرم"، وأخذه هدبة عن "بشر بن أبي حازم"، وكان "الحطيئة" قد أخذ علم الشعر عن "زهير"، وأخذه زهير عن "أوس بن حجر"، وكذلك جميع شعراء العرب المجيدين، والشعر والكتابة أخوان.