هذا الهندي، ثم اتسعت الفتوح والهندي ولم يسمع له بذكر في الرابعة ولا فيما بعدها، بل تطاولت الأعمار إلى عام ستمائة، ولم تنطبق بذكره رسالة ولا عرَّج على أحواله تاريخ، ولا نقل وجوده جوّال ولا رحّال ولا تاجر سفّار، ولعمري ما يصدق بصحبة رتن إلا من يؤمن برجعة عليّ أو بوجود "محمد بن الحسن" في "السودان"، وهؤلاء لا يؤثر فيهم علاج، وقد اتفق أهل الحديث على أن آخر من رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - مرَّة "أبو الطفل عامر بن واثلة"، وثبت في الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال قبل موته بشهر أو نحوه "أَرأَيتُكمْ لَيْلتكم هذهِ فإن على رأْس مائة سنَة مِنْها لا يَبْقى على وجهِ الأَرض ممَّنْ هوَ اليَوم علَيْها أَحدٌ"، فانقطع المقال، وماذا بعد الحق إلا الضلال.
وممَّن ذكر قصته "الصلاح الصفدي" في "تذكرته"، ثم قواها وأنكر على من ينكرها، وعوَّل في ذلك على الإمكان العقلي، وردَّ عليه "القاضي برهان الدِّين ابن جماعة"، بأن المعول في ذلك إنما هو النقل، وليس كل ما يجوِّزه العقل يستلزم الوقوع، ثم قال "ابن حجر": "والذي يظهر أنه كان طال عمره فادعى ما ادعى، وتمادى على ذلك حتى اشتهر، ولو كان صادقاً لاشتهر في المائة الثانية أو الثالثة أو الرابعة أو الخامسة، ولكنه لم ينقل عنه شيء إلا في أواخر المائة السادسة ثم في أوائل المائة السابعة قبيل وفاته".