مِنْ ثَلاثْ: عِلْمٌ يُنتفعُ بِهِ وَصَدقَةٌ جَارَيةٍ وَوَلَدٌ صالح يَدْعو لَه"، ثم قال: "وهذه المسألة وإن كان مختلفاً فيها فينبغي للإنسان أن لا يهملها، فلعل الحق هو الوصول إلى الموتى، فإن هذه أمور مغيبة عنَّا, وليس الخلاف في حكم شرعي إنما هو في واقع هل هو كذلك أم لا؟ وكذلك التهليل الذي عادة الناس يعملونه اليوم، ينبغي أن يعمل ويعتمد في ذلك على فضل الله ويُلتمس فضل الله بكل سبب ممكن".
ونصَّ "ابن رشد" في "الأجوبة"، و"ابن العربي" في "الأحكام"، على أن الميت ينتفع بالقراءة التي يُوهب له ثوابها قرئت على القبر، أو في البيت، أو في بلاد إلى بلاد، وقال "ابن الحاج" في "المدخل": "من أراد وصول قراءته بلا خلاف، فليجعل ذلك دعاء بأن يقول:(اللهم أوصل ثواب ما أقرأ إلى فلان)، فإن الدعاء متَّفق عليه". وقال "الأبيّ": "رأيت لبعضهم أن القارئ للغير، إن صرَّح أو نوى قبل قراءته للغير كان ثوابها للغير، وإن كان إنما نوى الثواب بعد القراءة فإنه لا ينتقل, لأن الثواب حصل للقارئ والثواب إذا حصل لا ينتقل"، وهذا المذهب الذي كان يختار الشيخ "أبيُّ ابن عرفة".
أما آية {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى}[النجم: ٣٩] فأجيب عنها، بأن الغير لمّا نوى ذلك الفعل له صار بمنزلة الوكيل عنه القائم مقامه، فكأنه بسعيه، وأجيبُ أيضاً بأن سعي غيره لما لم ينفعه إلا مبنياً على سعي نفسه من الإيمان فكأنه سعيه.
وقول الأبيُّ إن الثواب إذا حصل لا ينتقل غير ظاهر، والظاهر الذي نعتمده ونعول عليه هو الوصول والانتفاع مطلقاً، كما هو مذهب جماعة من المحققِّين.