بقاءه إلى قريب من المئة السادسة بعد الهجرة، وإليه ينسبون خرقتهم، وصنعوا في ذلك إسناداً متصلاً.
ولا ينبغي الاستناد في العمل بالحديث -الذي لم يثبت علماً ورواية- إلى الرؤيا التي يفهم منها جواز العمل به؛ كما حكي عن نور الدين الخراساني: أنه كان عندما يسمع الأذان يقبَّل إبهامي يديه، ويمسح بظفريه أجفان عينيه عند كل تشهد، ولما سئل عن ذلك، قال: كنت أفعله من غير رواية حديث، ثم تركته، فرأيته - صلى الله عليه وسلم - مناماً، وأمرني بالعودِ إلى المسحِ.
ويلحق بهذا القبيل: الأحاديث التي يقضي عليها الحفاظ بالوضع، ويقول بعض المتصوفة: إنها ثبتت من طريق الكشف؛ إذ من المتفق عليه بين الراسخين في علم الشريعة: أن الرؤيا والكشف لا تتقرر بهما حقيقة شرعية، وإضافة شيء إلى الدين بالاستناد إلى واحد منهما، دون أن يقوم له شاهد من الكتاب أو السنّة الثابتة بالطرق العلمية المعروفة، لا يخرج عن أن يكون ابتداعاً في الدين، وفتحاً لباب من أبواب المزاعم الباطلة، والمظاهر المنكرة.
نشأ عن وضع الأحاديث آثار سيئة بين العامة، ومن هذه الآثار: دخول فساد في العقيدة، وقد وقع هذا الفساد على نوعين:
أحدهما: أحاديث جمد عليها بعض الأغبياء، فبعدت بهم عن التوحيد الخالص؛ كحديث:"لو أحسن أحدكم ظنه بحجر، لنفعه"؛ فإنه مما استدرج كثيراً من العامة إلى أن نفضوا قلوبهم من الثقة بالله وحده، وصرفوا وجوههم يرجون النفع أو دفع الضرر بطريق المدد الخفي من بعض المخلوقات، حتى علقوا رجاءهم ببعض الأشجار أو الأحجار أو الفجّار.
ثانيهما: الأحاديث المصنوعة في قالب السخافة، أو النافرة عن وجه