وإذا كانت الأعمال تتفاوت في الفضل على قدر تفاضل غاياتها، فإن للقضاء غاية تعد من أجل الغايات: هي نصر المظلوم، وكفّ يد الظالم، وقطع المنازعات، والإصلاح بين الناس، وأداء الحق لمستحقه، ومن ذلك يستتب الأمن في البلاد، وإذا استتب الأمن، فهنالك طمأنينة النفوس، وسعادة الحياة.
* سلطة القضاء:
كل أمة في حاجة إلى ثلاث سلطات:
سلطة تشريعية تضع قوانين تميز الحق من الباطل، والصالح والفاسد.
وسلطة قضائية تصدر أحكامها على من يشتبه عليه الحق من الباطل، أو تغلبه أهواؤه على أن يخرج عن تلك القوانين.
وسلطة تنفيذية تقوم على تنفيذ تلك الأحكام الصادرة من السلطة القضائية.
ومصدر التشريع في القضاء الشرعي: هو الله -سبحانه وتعالى- بما أنزله في كتابه الحكيم، وما جاء في سنة رسوله الصادق الأمين - صلوات الله وسلامه عليه -, وما تضمنه الكتاب والسنّة من الأصول التي يرجع إليها المجتهد في تقرير أحكام الواقع إن لم يجدها في نص آية أو حديث.
ومن هنا كان الإعراض عن الأحكام الشرعية إلى القوانين الوضعية؛ بزعم أن هذه القوانين أحفظ للمصلحة، وأشد مطابقة للحكمة كُفْراً لا مرية فيه، قال تعالى:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}[المائدة: ٤٤]، وقال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ