في أن بين قصص القرآن ما لا يوافق الواقع التاريخي، غير أن المستشرقين يعللون هذه المخالفة بعدم معرفة محمد للتاريخ، وكاتب الرسالة يعللها بأنه - عليه الصلاة والسلام - يسوق القصة غير معنيٍّ بالواقع التاريخي، ولا حريصٍ على صدقها العقلي، وإنما كانت وجهته التصوير الفني، والابتكار والاختراع، والتغيير والتبديل!.
وانظر ماذا ترى في قوله:"ليس سببه جهل محمد بالتاريخ، بل قد يكون من عمل الفنان الذي لا يعنيه الواقع التاريخي"، فهل كاتب الرسالة أطلق اسم الفنان على محمد - صلوات الله عليه - فيكون قد حاكى المستشرقين في زعمهم: أن القرآن من صنع النبي محمد، أو أطلقه - بصفته مسلماً - على منزِلّ القرآن، ووصفه بأنه لا يعنيه الواقع التاريخي، ولا الصدق العقلي؟
وفي كلا الأمرين زهد في الاحتفاظ بالعقيدة السليمة!.
والمسلم الحق من يؤمن بأن القرآن مُنَزّل من عند الله، لا من صنع محمد- عليه الصلاة والسلام -, وينزه القرآن عن ذلك التصوير الفني الذي لا يعنى فيه بالواقع التاريخي، وليس قصص القرآن إلا الحقائق التاريخية تصاغ في صور بديعة من الألفاظ المنتقاة، والأساليب الرائعة.
قال كاتب الرسالة:"تتدرج القصص في القرآن كما يتدرج أدب كل أديب، فالأدباء يلتمسون المتعة واللذة في كل أمر فني يعرض لهم، ثم يتقدمون خطوة، فيبغون الاستمتاع واللذة بالمحاولات الأولى التي تقوم على التقليد والمحاكاة، ثم يكون التخلف شيئاً فشيئاً، والدخول في ميدان التجارب الخاصة، ومظاهر ذلك: النسخ، والتدرج بالتشريع ١٦٩ إلخ".
جعل الكاتب القصص القرآني يتدرج كما يتدرج أدب كل أديب، وقال: