فوصل إلى طرابلس الغرب، وأقام بها بضعة أيام نزيل الأستاذ محمد السماتي، ثم اعترضه عائق صرفه عن هذه الوجهة، فقفل راجعاً إلى الحاضرة، ومضى في سبيل التلقي والعلم بجامع الزيتونة.
وفي سنة ١٣٢١ هـ أنشأ مجلة علمية أدبية تسمّى:"السعادة العظمى"، وأقبل عليها أهل العلم والأدب في تونس والجزائر، وانهالت عليه لأول بروزها رسائل التقريظ شعراً ونثراً. وقد حاول بعض من لم يفقهوا الغرض من تحريرها أن يلقوا في سبيلها عثرات، أو يمسوا صاحبها بأذى، فأومأ إليهم الوزير الشيخ محمد العزيز بوعتّور بالكف عن ذلك، فأحجموا. وممن كان يشدّ عزمه على متابعة نشرها الأستاذ الشيخ سالم بوحاجب، حتى قال له يوماً بعد انتهاء درس "صحيح الإمام البخاري": لا يهمك ما تلاقي في سبيل القيام بهذه المجلة، فالأمر كما قال ورقة بن نوفل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي".
وفي سنة ١٣٢٣ هـ تقلّد منصب القضاء بمدينة "بنزرت"؛ كما عهد له بالخطابة والتدريس بجامعها الكبير، واستمر قائماً بهذه الوظائف سنة وبضعة أشهر، ولما رأى خطّة القضاء محفوفة بمكاره، زيادة على كون العمل فيها أقل مما تتعلق به الهمة، راسل الحكومة بالاستعفاء منها، فتمهلت في قبوله، إلى أن كرر عليها المراسلة والخطاب مشافهة، وتحققت تصميمه على ذلك، فراسلته بقبول الاستقالة، وفي أثناء ولايته القضاء، ألقى محاضرة موضوعها:"الحرية في الإسلام" بنادي جمعية قدماء تلاميذ المدرسة الصادقية، وحضرها جم غفير من العلماء والشبيبة المتنورة والمستشرقين.
عاد صاحب الترجمة إلى الحاضرة، وتصدى للتدريس بجامع الزيتونة