دامغة، لم ينقطع شر هذا الرهط الذين يمكرون بكتاب الله، ويحرفون كلمه عن مواضعه؛ ليقضوا مآرب، ويشفوا صدور قوم لا يؤمنون.
وها هي تلك الفرقة البهائية قامت منذ عهد غير بعيد تتبع خطا الباطنية: تجهد نفسَها إجهادهم، وتهذي في تأويل كتاب الله هذيانهم. وقد تسنَّى لها أن تستهوي بعض النفوس الغافلة أيام كان دعاتها يراؤون الناس، ويضعون على ألسنتهم مسحة من الدين الحنيف، أما اليوم، فقد غرَّهم الغرور، فأعلنوا نحلتهم، وجعلوا الناس على بينة من باطن أمرهم، فما لهم بعد هذه العلانية إلا أن يُنقض بناؤهم، ويحذر المسلمون أينما كانوا حبائل دعاتهم.
ويضاهي البهائيةَ وأسلافَهم الباطنيةَ في العمل لتقويض أصول الإسلام على طريقة التأويل نفر يضعون على رؤوسهم بياضاً، ويحملون في صدورهم سواداً، لم يرسموا لأنفسهم نحلة دينية، وإنما هي الغواية لعبت بعقولهم، وإكبارُ خصوم الدين ران على قلوبهم، فانطلقوا إلى القرآن الكريم يؤولونه على ما يوافق شهواتهم، ويقضي حاجات في نفوس ساداتهم، يفعلون هذا ولا يرقبون في اللغة العربية ذمة، ولا يرعون لسنَّة أفضل الخليقة حُرمة، وتراهم ينبذون ما يقرره أئمة العربية، أو أئمة الدين نبذاً لا يتكئ على دليل، ويطلقون ألسنتهم في هؤلاء الأئمة الذين خدموا الدين والعلم والأدب، وإنما يعرف فضلَهم العالم الناقدُ النبيل.
ومن هؤلاء النفر شخص سولت له نفسه أن يخوض في آيات الله كالذين خاضوا فيها على عماية، فكتب جملاً قصيرة قذف فيها شيئاً من وساوسه، وسماها: تفسيراً، بل تناهى في الافتتان بها، فسماها:"الهداية والعرفان".
والذي يقرأ هذه الجمل لا يرتاب في أن صاحبها جامد على المحسوسات،