عبثٌ يهذي به حول كتاب الله، فلا تقوى تحجمه عنه، ولا حكمة يفرق بها الجد والمزح، فترفعه عن أن يقول ما يضحك الناس منه.
وحرَّف قوله تعالى:{قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ}[الأنبياء: ٦٩]، فتأولها على وجه ينكر به أن يكون إبراهيم - عليه السلام - أُلقي في النار، وخرج منها سالماً، فقال: معناه: نجَّاه من الوقوع فيها. وذكر أن نجاته كانت بالهجرة؛ أي: من وطن قومه إلى ناحية فلسطين.
وظاهر الآية أنه أُلقي في النار، وقد سلب الله منها حرارتها، فإن حمل على معنى إيجاد حائل بين النار وجسم إبراهيم، فهو تأويل غير بعيد، أما صرفُ الآية إلى معنى عدم الوقوع في النار، فتأويل لا داعي إليه، ولا مسوغ له إلا ضيقُ الذهن عن تصور بشر يُلقى في النار، ولا تحرقه النار، وإذا لم يقل القرآن:"فألقوه، فقلنا: يا نار كوني برداً"، فلسبك الآية في إيجاز يلائم حد الإعجاز، فالجملة التي تدل على إلقائهم له في النار بالوضع والمطابقة حذفت من النظم استغناءً عنها بذكر ما يستلزمها، ولا يستقر معناه في ذهن السامع إلا بتقديرها، وهو قوله تعالى:{قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ}.
وحرَّف قوله تعالى:{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ}[الإسراء: ١]، فقال:"الإسراء: يستعمل في هجرة الأنبياء، والمسجد الحرام: الذي له حرمة، والأقصى: الأبعد: مسجد المدينة".
وقصد المؤول إنكار واقعة الإسراء، فحمل الآية على هجرته - عليه الصلاة السلام - من مكة إلى المدينة.