الشيخ الطاهر يقاسمه طعامه، وقد نظم محمد الخضر شعراً توجه به لمحمد الطاهر بن عاشور قال له:
أَينعَمُ لي بالٌ وأنتَ بعيدُ ... وأسلو بطيفٍ والمنامُ شريدُ
لقيتُ الودادَ الحرَّ في قلب ماجدٍ ... وأصدقُ مَنْ يُصفي الودادَ مجيدُ
فأين ليالينا وأسمارُنا التي ... تُبَلُّ بها عند الظَّماء كبودُ
ليالٍ قضيناها بتونسَ ليتها ... تعود وجيشُ الغاصبين طريدُ
فأجابه محمد الطاهر بن عاشور من قصيدة:
إذا ذكروا للودِّ شخصاً محافِظاً ... تجلّى لنا مرآك وهو بعيدُ
إذا قيل مَنْ للعلمِ والفكرِ والتُّقى ... ذكرتُك إيماناً بأَنكَ فريدُ
فقل لليالي جَدِّدي من نظامنا ... فحسبكِ ما قد كان فهو شديدُ
عيِّن محمد الخضر حسين قاضياً ببنزرت، وكان يخطب في الجُمع، وضايقته حكومة الحماية الفرنسية حينما أصدر مجلة "السعادة العظمى"، فأراد الانتقال إلى الشرق، وتحول إلى مصر، وألقى بالجامع الأزهر درساً حضره أكبر المشايخ، فأعجبوا بعلمه، وقال له الشيخ عبد المجيد الغرياني: لقد ذكرتنا بابن عرفة.
وسمع وهو غائب في مصر بأنه عُزل من التدريس بجامع الزيتونة، فعاد إلى تونس، ثم صمم على الرحلة إلى بيت الله الحرام، فباع منزله، وتوجه إلى المشرق عن طريق أوربا. وقصد سويسرا مع ثلاثة من المشايخ، وقد نفد ما عندهم من مال، واتصل بهم وزير مشرقي حينما علم بهم، واقترح عليهم الذهاب إلى ألمانيا للقيام بنشاط سياسي، فرحبوا بالفكرة؛ لأن ألمانيا كانت