يقول العلامة محمد الخضر حسين في ديوانه الشعري "خواطر الحياة": نشأت في بلدة من بلاد الجريد التونسي يقال لها: "نفطة"، وكان للأدب المنظوم والمنثور في هذه البلدة نفحاتٌ تهب في مجالس علمائها، كان حولي من أقاربي وغيرهم من يقول الشعر، فتذوقت طعم الأدب من أول نشأتي، وحاولت وأنا في سن الثانية عشرة نظم العشر. (من ديوانه الشعري "خواطر الحياة"(ص ٦).
وعند بلوغه الثانية عشرة، انتقلت عائلته إلى العاصمة تونس سنة ١٨٨٦ م، أين تمكن من مواصلة دروسه بجامع الزيتونة مع إخوته الأربعة، وقد كان -زيادةً على دروسه النظامية- يختلف إلى بعض الحلقات والمجالس، وأبرز الذين تاثر بهم هم الشيوخ: سالم بو حاجب، عمر بن الشيخ، محمد النجار، وقد أثنى عليهم في كثير من المناسبات والكتابات، وخاصة من خلال مجلة "الهداية الإسلامية".
وقد بقي شيخنا كذلك حتى تخرج في جامع الزيتونة، وتحصَّل على شهادة التطويع سنة ١٨٩٨ م، وقد حاول بعدها السفر إلى المشرق العربي؛ لطلب العلم، والاحتكاك ببعض العلماء والمصلحين، لكنه لم يتمكن من ذلك لأسباب مجهولة، برغم أنه وصل إلى ليبيا، ثم عاد أدراجه.
* رحلاته إلى الجزائر:
تمكن شيخنا من زيارة موطنه الأصلي الجزائر مرتين طوال حياته، وقد دَوَّن رحلته الثانية بالتفصيل في مجلة "السعادة العظمى" عددي ١٩/ ٢٠، وقد كانت الرحلة الأولى سنة ١٩٠٣ م، أما الثانية، فكانت سنة ١٩٠٤ م، اتصل من خلالها بعدد من العلماء والمصلحين الجزائريين؛ كالشيخ المصلح